كانت ليلة السابع والعشرين ليلة ليست ككل الليالى على الأقل بالنسبة لأسرتى
إبنتى صاحبة الاربعة أشهر تحتاج لإجراء عملية
حملت ذلك الجسم النحيل بين يدى والقلب يخفق خوفا عليها
وبينما انا أنظر الى براءة وجهها المشحون الما وهى فى سبات متقطع لا تدرى ما يخبئه الزمن لها
إغرورقت عينى و تناثرت أدمعى عليه زخات زخات
فتحت عينيها المتعبتين وهى تنظر الى ولسعات البرد القارس تنكأ فى جسمها الواهن
ثم بادلتنى الدمعة إبتسامة أحيأت الدم فى عروقى المتجمده وكأنها تقول لى
هون عليك فكل شئ سيكون على ما يرام يا والدى
كانت زوجتى بجوارى داخل المستشفى تموت آلآف المرات
تراقب فلذة كبدها وهى قادمة على تجربة نخافها نحن الكبار
غير أنى أحاول أن اصبرها وأصبر نفسى
وأذكرها بأنها إرداة الله فينا وليس لنا إلا أن نحمده وندعوه خالصين الدعوة أن يلطف بها وبنا
ثم جاءت لحظة الصفر والتى كنت أخاف قدومها
نعم أتى الطبيب المخدر برفقة ممرضة إبتسمت فى وجهنا إبتسامة فاتره
وهى تخبئ من ورءها حزنا شعرت بصدقه وهى تنتزع إبنتى من بين يدى
لحظتها احسست بأنها ذاهبة منى والى الأبد
حينها بكت زوجتى بحرقة وكأنها هى الأخرى طفلة برئية فى مقتبل عمرها
وقتها لم أتمالك نفسى وحدث ما كنت أخشاه
وبينما نحن على هذا الحال فإذا بها تلتفت علينا مرة أخرى بإبتسامة خجلى كانت زادنا لحظة الوداع
نعم أخذوها وحدها دوننا الى غرفة العمليات وهى كالدمية بينهم
خدروا جسمها الصغير .. بنجوها فنامت وبراءة الاطفال فى عينيها ..
إستسلمت لهم ثم سلمت أمرها اليهم وفعلوا ما كان أن ينبغى أن يفعلوا
كانت أطول 90 دقيقة مرت علينا طوال حياتنا
كنا نلوذ بالصمت طوالها ونتخيل ما يجرى من وراء الجدران
حتى عاد الطبيب الينا يحمل بشرى نجاح العمليه
لحظتها قفزت بجنون من مقعدى
ثم إحتضنته بقسوة وقوة وكأنه إبن أمى وأبى والذى غاب عنى عشرات السنين
لاشبع نفسى منه وأروى شوقى وحنينى المكبوت فى دواخلى المحرومة
ثم اغمى على زوجتى من الفرح وقاموا بفعل اللازم حتى فاقت
وبعدها ظللنا بغرفة الإنتظار 30 دقيقه
لننعم بعدها برؤية أميرة قلوبنا
لكنها لم تعد الينا بإبتسامتها المعهوده
كان التخدير والجلكوز وجراحات أحقانه باينة المعالم والآثارعلى يديها الإثنتين الصغرتين
وهى تئن من حرقتهما
ثم مرت لحظات وهى على حالها هذا وإذا بنفس الإبتسامه التى ودعتنا بها تظهر على جبينها مرة أخرى
وكانها تقول الينا عدت يا احبتى معافيه منتصرة
فكانت عودة الأميرة هى عودة للروح .. بل هى عودة للوطن
وما أحلاها من عودة